ثورة على الحياة «المعلّبة»

نتردد دائما في اتخاذ قراراتنا، ولا تأتي الحلول إلا حينما نفكر بشكل مختلف ونخرج من الصناديق التي علبنا بها أنفسنا ومواهبنا وقدراتنا خوفا من النقد أو الفشل!.

جرب أن تلقي نظرة سريعة على أهم أحداث حياتك، أربعة محطات متداخلة، تبدأ من النشأة واكتشاف المحيط، ومحاولات فهم طبيعة وأهمية العلاقات مع العائلة والجيران والأصدقاء، والحب الأول البريء الذي غالبا ما يكون مع ابنة جاركم التي لم ترها فعلا، وتشعر بـ"الصدمة" حين تراها لأول مرة!

بعد ذلك تأتي محطة الدراسة، والتي تمر بسهولة في أيامها الأولى، ثم إن الابتدائية والمتوسطة مثل "الإندومي" سريعة الطهو، ولها مذاق واحد لدى الجميع مهما كانت المفارقات، ولا تشكل أي انعطاف حقيقي، وعلى الأغلب فهي مجرد امتداد "منظم" لعملية النشأة.

ثم تأتي محطة الثانوية والجامعة، حين تكون رجلا بلا مسؤوليات سوى أن تحمل نفسك المقصرة إلى الدراسة والعودة بها، وغالبا ما تحمل هذه المحطة أهم قرارات الحياة في تلك السن المبكرة، إذ أن شابا في السابعة عشرة من عمره لا يعرف الفرق بين العلم والأدب، يضطر مرغما لاختيار أحدهما ثم ينساق خلفه بلا تفكير في المرحلة الجامعية.

ثم تأتي المحطة الأهم مرحلة القرارات المفصلية، والتي في غالب الأحوال تأتي بسهولة رغم أهميتها بسبب ضغوط الأسرة والمجتمع، وغالبا ما تأخذ طريقا بسيطا: وظيفة مريحة راتبها جيد و"بَسّ".

تأمل في أحوال كل المبدعين و ستجد بالتأكيد أنهم ثاروا في إحدى المحطات على الصندوق الذي "صندقه" له المجتمع، ثم تغيرت حياته بعدها إلى الأبد، التفكير بشكل مختلف يجعلنا ننجو من دوامة الحياة الرتيبة.

كم من الأصدقاء الذين تعرفهم "يفتّون" كورة، ويلعبونها بشغف ومهارة؟.. الإجابة: كثير، ولو سألته عن نسبة الذين تقدموا إلى أندية رياضية وجرّبوا أنفسهم، لوجدتهم في بعض الدوائر لا يتجاوزون أصابع نصف يد.

وكم نعرف من الرسامين والخطاطين والمبدعين الذين لا يعرف عنهم أحد، لأنهم بكل بساطة لم يتقدموا للكشف عن موهبتهم، ويخرجوا من الصندوق الذي انحشرت فيه مواهب الأمم.

وما آمله في عصر "الثورات" هذا، أن يثور كل واحد على نفسه، ويبدأ بالبحث عن مكانها الصحيح، ولا يتردد أحد في أن يستقيل من عمل أفنى فيه شطرا من الزمن!.

أحسست في هذه اللحظة أن السالفة بدأت "تسمج".. أهم شيء أنكم فهمتم ما أعنيه.. سلام!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أدام الله ظلّي!

رسالة إلى جميلات العالم .. من "دبدوب"

شيء من قصتي مع الإعلا(م/ن)