لازم فولتير رغبة في العلم!
يتباهى بقراءة سطرين لـ"فولتير" ويضعهما على كل صفحاته، من يسمع حديثه عن "فولتير" يشعر أنه لازمه رغبة في العلم! يحفظ أسماء "سارتر"، "فولكنر"، "شكسبير"، واختلطت عنده الأسماء "الغريبة" لدرجة أنه يؤمن بأن قسم "سقراط" من أروع التقاليد الطبية التي اتفق عليها أكاديميو العالم!
يعيش جوا من "الذكاء" الذي لا يضاهى لأنه قرأ سطرين في كتاب لـ"دايل كارنيجي" الذي يمقته في الوقت نفسه، لأنه كتب "دع القلق وابدأ الحياة" ثم مات منتحرا!.ولا يتورع أبدا عن استخدام أي مصطلح إنجليزي أو "فرنسي"، لأن ذلك يضع عليه هالة خادعة من النباهة المصطنعة، ويقرأ لأدونيس وهو لا يفهم سطرا من كتبه، فقط ليجد فرصة ليتباهى بـ"السالفة" في النادي الأدبي الأسبوع التالي!.
ولو ساء حظك، وألجأتك الأيام إلى الحديث معه فستسمع لغة عربية "مطعمة" بالكلمات الأجنبية، والمشكلة المزعجة حقا أنه لا يعرف حتى معاني الكلمات التي يستخدمها، ولذلك فقد يكون "التخبيص" الصفة الأدق لوصف حديثه!في مكتبته عشرات الكتب التي لم تتحرك من مكانها، هو ذكي في قراءة الطبعة ودار النشر ونبذة عن المؤلف،
لكنه لم يقرأ كتابا منذ عرف نفسه، ويجب أحيانا أن تقر له بالبراعة في "التصفح السريع" الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
هؤلاء "الفضلاء" من المجتمع، تجد بعضهم على صفحات الجرائد ينتقدون فلانا وعلانا، ويتصدرون المجالس منظرين لكل المذاهب الفكرية الحديثة، وهم يتوقعون أن "الحديثة" تأنيث للحديث! المشكلة أننا نعرفهم، ونُسهم في بنائهم بشكل أو بآخر،
من خلال حديثنا عنهم في المجالس، وإبرازهم في أبواب الإعلام على أنهم "مثقفون"، وأظن أن "جسد الثقافة" يتألم لنسبتهم إليه، ولو قدر له أن يتكلم للفظهم مع أول "كلمة". ولا يفهمنَّ أحد أنني لا أريد أن تكون أبواب المنافذ الإعلامية مفتوحة لهم ولغيرهم،
لكن تعليبهم في شكل باقات منمقة ظلم للمجتمع، حتى أن المهتمين بالثقافة من جيران البلاد وأصدقاءها يظن أن هذا حال الثقافة في البلد، رغم أنهم لا يمثلونها، وقد يكون حال الثقافة "المسكينة" أسوأ.أعتذر أخيرا عن كلمة "لا يفهمن" التي كتبتها في الجملة السابقة لأنني "تحمست" في الكتابة،
وحين قرأتها أخيرا لاحت على وجهي المليح ابتسامة استنكار، أخشى ما أخشاه أنني تقمصت دور "المثقفين إياهم" والعياذ بالله
تعليقات